أدوية إنقاص الوزن الشهيرة تسبب مضاعفات نفسية

يمكن لمُنشِطات مستقبلات «جي إل بي - 1»، وهي أدوية تُساعد في السيطرة على داء السكري من النوع الثاني والسمنة، أن تُؤثِر تأثيراً بالغاً على الصحة البدنية - ولكن ماذا عن الصحة النفسية؟
تشمل بعض الأمثلة على هذه الأدوية أدوية سيماغلوتيدات، مثل أوزيمبيك وويجوفي، وليراجلوتيد، مثل فيكتوزا وساكسيندا.
وأشارت دراسات مُختلفة إلى أن مُنشِطات مستقبلات «جي إل بي - 1» تُسبب مضاعفات صحية نفسية، مثل القلق والاكتئاب.
ونشرت المعاهد الوطنية للصحة بحثاً، في يونيو (حزيران) 2024، تناول العلاقة بين علاج السيماجلوتيد و«تفاقم اضطرابات المزاج». وأبرزت الدراسة ارتباط التغيرات المزاجية السلبية لدى مرضى السكري من النوع الثاني بتاريخ من الاكتئاب، محذرة مقدمي الرعاية الصحية من إدراك هذا «الخطر المحتمل».
لكن دراسة أحدث، نُشرت في مجلة «السكري والسمنة والتمثيل الغذائي»، أشارت إلى أن هذه التغيرات المزاجية مرتبطة باختلافات جينية عبر مجموعات سكانية وأصول متنوعة.
في حين أن متغيرات «جي إل بي - 1» أظهرت «تأثيرات قلبية أيضية متسقة» في جميع الفئات، قال الباحثون إن الآثار السلبية على الصحة العقلية كانت «أكثر تنوعاً»، وخلصوا إلى أن أي تغيرات سلوكية «من المرجح ألا تكون ناجمة بشكل مباشر عن الأدوية».
ويعتقد الدكتور بريت أوزبورن، جراح الأعصاب في فلوريدا، الذي غالباً ما يصف مُثبطات مستقبلات «جي إل بي - 1» لمرضاه، أنه لا توجد «علاقة سببية ثابتة» بين هذه الأدوية والأمراض النفسية. ولخص قائلاً: «قام الباحثون بفحص العلامات الجينية لدى ما يقرب من نصف مليون شخص من خلفيات مختلفة بحثاً عن صلة بين الجين المسؤول عن مستقبلات (جي إل بي - 1) ومشاكل الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق والأفكار الانتحارية، لكنهم لم يجدوا أي صلة».
وأشار الطبيب إلى أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة أو داء السكري من النوع الثاني «غالباً ما يكونون مصابين بالاكتئاب بالفعل»، دون تناول الدواء. وقال: «هذه الحالات تُسبب أضراراً جسدية ونفسية واجتماعية. لذا، نعم، يعاني عدد كبير من المرضى الذين يبدأون بتناول أدوية (جي إل بي - 1) من مشكلات نفسية. لكن هذا ليس بسبب الدواء، بل بسبب المرض نفسه».
وأردف أنه بمجرد أن يبدأ هؤلاء الأفراد بفقدان الوزن، يستقر مستوى السكر في الدم وتتحسن طاقاتهم، مما يُحسّن مزاجهم أيضاً.
وأشار أوزبورن إلى أن «أدوية (جي إل بي - 1) تُساعد الناس على استعادة صحتهم، فهي تُقلل الالتهاب، وتُخفض مستوى السكر في الدم، وتُقلص محيط الخصر».
وعندما يبدو الناس على ما يُرام ويشعرون بتحسن، وعندما تبدأ أجسامهم أخيراً بالعمل لصالحهم بدلاً من أن تُعيقهم، غالباً ما يبتسمون أكثر، لا أقل. وأفاد الدكتور محمد غانم، جراح السمنة في معهد أورلاندو هيلث لإنقاص الوزن وجراحة السمنة، في مقابلة منفصلة مع قناة «فوكس نيوز ديجيتال»، بأنه بينما أبلغ بعض مرضاه عن تغيرات في المزاج، فإن آخرين «لا يعانون منها إطلاقاً». وقال: «الاكتئاب أو تغيرات المزاج شائعة جداً، خصوصاً في هذه الأيام، ولذلك يصعب تحديد ما إذا كان هذا مرتبطاً بأدوية مُحفزات (جي إل بي - 1)، أو ما إذا كان الأمر مجرد مصادفة؛ أنهم بدأوا يعانون منها بعد بدء تناول هذا الدواء». وأضاف: «من الصعب حقاً تحديد ما إذا كان هذا تغيراً في الشخصية يمكن أن يحدث بسبب فقدان الوزن، أو ما إذا كان أحد الآثار الجانبية لتغيرات المزاج. لا أعتقد أن لدينا بيانات كافية للوصول إلى هذا الاستنتاج حتى الآن».
وبحسب غانم، فإن المرضى الذين يفقدون الوزن باستخدام مثبطات (جي إل بي - 1) يمكن أن يشعروا بـ«زيادة كبيرة» في الثقة، فضلاً عن تغيير في الشخصية، وحتى العلاقات. وقال: «يعتمد الأمر حقاً على الشخص ونظام الدعم الذي يحظى به. نحتاج إلى تجارب سريرية دقيقة وعشوائية مُحكمة للوصول إلى نتيجة، ودراسات أكثر دقة لتحديد ما إذا كان هذا مرتبطاً بالدواء نفسه أم مجرد فقدان الوزن».
أكد الجراح على أهمية التواصل الوثيق مع مقدمي الخدمات الطبية للمهتمين بهذه الأدوية، أو الذين يعانون من تقلبات مزاجية أثناء تناولها. وقال: «مثل أي دواء آخر، قد يكون لهذه الأدوية آثار جانبية محتملة». وأوصى غانم بالبحث عن متخصصين وعيادات تتبع «نهجاً شمولياً» لفقدان الوزن، وتقدم الدعم النفسي بالإضافة إلى الأدوية.
وفي هذا الصدد، تقول الدكتورة برونيلدا نازاريو، رئيسة تحرير الشؤون الطبية في موقع «ويب ميد»، لقناة «فوكس نيوز ديجيتال»، إن «السمنة أمر معقَّد». وأضافت: «يبدي اختصاصيو السمنة اهتماماً حذراً بمدى فعالية هذه الأدوية».
ومع تضارب نتائج الدراسات الحالية حول اضطرابات المزاج واستخدام أدوية فقدان الوزن الشهيرة، من المهم لجميع الأطباء الذين يصفون هذه الأدوية أن يكونوا على دراية بها، وأن يتحققوا من تاريخ المريض قبل وصفها.
وأكدت نازاريو على أهمية أن يستمع مستخدمو تلك الأدوية إلى أجسامهم، ويحثّوهم على الانتباه لمشاعرهم ومعرفة أعراض اضطرابات المزاج.
aawsat.com