هدنة غزة: كيف يتجاوز الوسطاء رد حماس ورفض ويتكوف

أعاد رد «حماس» على مقترح واشنطن بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المفاوضات إلى المربع صفر، بعد رفض المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، التعديلات التي أرسلتها الحركة واعتبارها «غير مقبولة»، فيما تتجه الأنظار إلى دور جديد للوسطاء لتقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة.
ذلك التباين يأتي وسط تصعيد إسرائيلي جنوب القطاع، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنه يدفع نحو مزيد من الجهود للوسيطين مصر وقطر عبر اتصالات مع واشنطن و«حماس» للبحث عن مخرج خصوصاً مع اقتراب عيد الأضحى، متوقعين أن يكون هناك مقترح أميركي جديد يلبي مطلب الحركة بشأن ضمانات وقف الحرب، دون بقية التعديلات.
مصر وقطر تسعيان لتقريب وجهات النظر
وفي بيان مشترك، أعلنت مصر وقطر أنهما تواصلان جهودهما المكثفة لتقريب وجهات النظر والعمل على تذليل النقاط الخلافية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة، ارتكازاً على مقترح المبعوث الأميركي ويتكوف، وبما يتيح استئناف المفاوضات غير المباشرة على أساس هذا المقترح. وشددت مصر وقطر في البيان على أنهما، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، يعتزمان تكثيف الجهود لتذليل العقبات التي تشهدها المفاوضات. كما دعا البلدان إلى ضرورة تحلي كل الأطراف بالمسؤولية ودعم جهود الوسطاء لإنهاء الأزمة بقطاع غزة وبما يعيد الاستقرار والهدوء للمنطقة.
ووفق الإفادة تتطلع الدولتان إلى «سرعة التوصل إلى هدنة مؤقتة لمدة 60 يوماً تؤدي إلى اتفاق وقف دائم لإطلاق النار بقطاع غزة، وبما يسمح بإنهاء الأزمة الإنسانية غير المسبوقة بالقطاع والسماح بفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بما يضمن التخفيف من المعاناة التي يواجهها الشعب الفلسطيني بغزة، وصولاً إلى إنهاء الحرب بشكل كامل والبدء في إعادة إعمار القطاع وفقاً للخطة التي اعتمدتها القمة العربية الطارئة بالقاهرة في مارس (آذار) الماضي».
مشاورات إسرائيلية
ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قوله إن رد «حماس» «غير مقبول تماماً»، مضيفاً: «بينما وافقت إسرائيل على مقترح ويتكوف المُحدّث لإطلاق سراح الرهائن، لا تزال (حماس) متمسكة برفضها، وستواصل إسرائيل العمل لإعادة رهائننا إلى ديارهم وهزيمة (حماس)».
وأجرى نتنياهو مشاورات مع قيادات المؤسسة العسكرية وفريق التفاوض حول ما أسموه «رفض (حماس)» لمقترح ويتكوف، كما بحث هاتفياً مع ويتكوف رد الحركة لمقترح وقف إطلاق النار، بحسب ما ذكرته الصحيفة.
وكان ويتكوف انتقد مساء السبت عبر منصة «إكس» رد حركة «حماس» على المقترح الأميركي، ووصفه بأنه «غير مقبول تماماً»، وطالبها بقبول الإطار الزمني الموضوع أساساً لمحادثات غير مباشرة يمكن الشروع بها خلال أسبوع.
وتمسك ويتكوف بقبول الحركة للمقترح باعتباره السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً خلال الأيام المقبلة، وبمقتضاه تطلق «حماس» سراح نصف المحتجزين الأحياء لديها ونصف الجثث التي بحوزتها، لكن «حماس» في بيان أعلنت أنها ستطلق سراح 10 من المحتجزين الإسرائيليين الأحياء وتسلم 18 جثماناً مقابل وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي من قطاع غزة وعدد يُتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين.
وكان مصدر مقرب من «حماس» قد ذكر لـ«الشرق الأوسط»، السبت، أن «الحركة تسعى حالياً إلى تعديل هذا المقترح بما يجعله مقبولاً، خصوصاً فيما يتعلق بالنقاط الجوهرية التالية، في 3 بنود أساسية متعلقة بمسألة تسليم الرهائن والبروتوكول الإنساني وبند الانسحاب من مناطق محددة.
ونقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، عن مصدر مطلع على المفاوضات، القول إن رد «حماس» على مقترح ويتكوف يتضمن مطلباً يُصعّب على إسرائيل استئناف القتال إذا لم تكتمل المحادثات بشأن وقف دائم لإطلاق النار بنهاية الهدنة التي تستمر 60 يوماً.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد قال، أمس الجمعة، إن الأطراف قريبة من التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وفقاً لمقترح ويتكوف، مشيراً إلى أنه سيتحدث عن هذا الأمر «اليوم أو غداً»، قبل أن ترد «حماس» بطلب تعديلات لم تلقَ قبولاً لدى واشنطن.
الأمر بات صعباً
ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن «الأمر بات صعباً للغاية في ظل هذه التباينات بين (حماس) التي تطالب بضمانات لوقف دائم لإطلاق النار، وإسرائيل التي ترفض، وبالتالي فرصة النجاح والتوصل إلى الحلول مع تدخل الوسيطين مصر وقطر باتت ضئيلة».
ويؤكد فرج أن المشاورات بالتأكيد ستتواصل بين مصر وقطر مع واشنطن، إضافة إلى «حماس»، متوقعاً إن كانت هناك فرصة ضئيلة للنجاح فستكون في تقديم حلول وسط من الوسيطين أو تقديم واشنطن أفكاراً جديدة ترضي «حماس»، لا سيما في بند الوقف الدائم، وإن كان ذلك صعباً لرفضه المتوقع من إسرائيل.
ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن مقترح ويتكوف بات أقرب لإسرائيل من حل يمكن التوافق عليه، وهذا لن تقبل به «حماس»، متوقعاً أن يبذل الوسيطان المصري والقطري جهوداً أكبر للوصول إلى حلول وسط لتجاوز بعض الملفات بشكل أو آخر.
ووسط تضاؤل فرص التوصل إلى اتفاق، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) نقلاً عن مصادر محلية، الأحد، بأن قوات الاحتلال أطلقت النار بشكل مباشر على المئات من المواطنين، في أثناء محاولتهم الوصول إلى نقطة توزيع مساعدات في مواصي رفح، ما أسفر عن مقتل 31 مواطناً على الأقل، وإصابة 115 آخرين.
فيما توعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان الأحد، بأن «الجيش الإسرائيلي في غزة سيعمل بقوة هائلة»، لافتاً إلى أنه «أوعز بمواصلة التقدم ضد جميع الأهداف، بغض النظر عن أي مفاوضات، واستخدام كل الوسائل اللازمة، جواً وبراً وبحراً، لحماية جنود الجيش الإسرائيلي والقضاء على (حماس) وسحقها».
ويرى فرج أنه في ظل ذلك «التعثر المحتمل» تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في محاولة لزيادة الضغوط على «حماس»، لحين حدوث انفراجة في أي مفاوضات جديدة.
ويعتقد الرقب أن إسرائيل تريد تفجير أي محادثات بهذا التصعيد، ولكي يستمر نتنياهو في حربه وضمان مصالحه الشخصية والسياسية، متوقعاً أن التصعيد قد يتلاشى حال التوصل إلى هدنة جديدة التي تبدو فرصها قليلة مع الاختلافات الحالية.
aawsat.com