حصار الفاشر يحول المدينة إلى مقبرة لأصحاب الأمراض المزمنة

الفاشر – نبض السودان
تعيش مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور مأساة إنسانية متفاقمة، حيث يعاني الآلاف من أصحاب الأمراض المزمنة من تدهور صحي حاد نتيجة انعدام الأدوية الأساسية، في مقدمتها الأنسولين، بسبب الحصار المفروض على المدينة من قبل قوات الدعم السريع منذ مايو 2024، وسط استمرار القصف والاشتباكات التي شلّت القطاع الصحي تمامًا.
ثريا تقاتل المرض في ظل غياب الأنسولين
ثريا إبراهيم، 45 عامًا، واحدة من بين آلاف المرضى الذين يواجهون الموت بصمت، إذ تعاني من مرض السكري منذ أكثر من عقد وتعتمد كليًا على الأنسولين المخلوط الذي لم يعد متوفرًا في الفاشر. تقول ثريا إن المستشفيات توقفت، والصيدليات أغلقت أبوابها بسبب القصف العنيف، وأصبحت إمكانية الحصول على الدواء شبه معدومة، بحسب ”دارفور24”.
كانت قد حصلت على كمية محدودة من الأنسولين من أحد التجار القادمين من مدينة الدبة بالولاية الشمالية، لكنها نفدت في أبريل الماضي، ما فاقم حالتها الصحية وأدخلها في دوامة من الألم والمعاناة.
وفيات بسبب انعدام الدواء
المأساة لم تقف عند تدهور الحالات، بل تعدّتها إلى تسجيل وفيات، كما حدث مع والد المواطن حسين محمود من حي تمباسي، الذي فارق الحياة بعد صراع طويل مع مرض السكري بسبب غياب الأدوية، فضلًا عن التأثيرات النفسية الناتجة عن القصف والاشتباكات المستمرة في الأحياء الجنوبية.
طالب حسين المنظمات الصحية بالتحرك الفوري ومناشدة قوات الدعم السريع لفتح ممرات آمنة لنقل أصحاب الأمراض المزمنة من الفاشر إلى مناطق أكثر أمانًا، لإنقاذ من تبقى على قيد الحياة.
أزمة دوائية شاملة
الصيدلانية تهاني عبد الرحمن أكدت أن الفاشر تشهد حاليًا أزمة حقيقية في الأدوية المنقذة للحياة، إضافة إلى نقص شديد في معظم الأصناف الدوائية، مشيرة إلى أن المدينة كانت تعتمد على الإسقاط الجوي لتوفير الأدوية رغم الحصار، ولكن بعد توقف عمليات الإسقاط ازداد الوضع سوءًا.
وكانت عمليات الإسقاط الجوي قد توقفت منذ 3 أبريل الماضي، بعد أن أسقطت قوات الدعم السريع طائرة حربية، الأمر الذي أدى إلى توقف إيصال الدواء والغذاء عن المدينة المحاصرة.
الإجلاء معرقل والدواء مفقود في مليط
في سياق متصل، قال المواطن محمد يعقوب إنهم حاولوا إجلاء والدهم المريض من الفاشر إلى مدينة مليط بغرض نقله لاحقًا إلى شمال السودان لتلقي العلاج، لكن قوات الدعم السريع منعت الفارين من مغادرة مليط، فظل والدهم عالقًا هناك حتى اليوم.
وأشار يعقوب إلى أن مليط نفسها تعاني من شح حاد في أدوية السكري والضغط، وبقية الأدوية المتعلقة بالأمراض المزمنة، ما يجعل الوضع كارثيًا على نحو متسارع.
القطاع الصحي على وشك الانهيار الكامل
مسؤولون في القطاع الصحي أكدوا أن شح الأدوية والمستلزمات الطبية ناتج عن الحصار الكامل وتوقف الإسقاط الجوي ومنع دخول المساعدات الإنسانية من قبل قوات الدعم السريع، الأمر الذي أدى إلى نقص حاد في كل الخدمات الطبية في المدينة.
وكشف مصدر بوزارة الصحة الولائية، فضل عدم ذكر اسمه، أن النظام الصحي في الفاشر يمر بمرحلة شبه انهيار، محذرًا من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى انعدام تام للأدوية والمستلزمات الطبية، خاصة في ظل عجز الجيش حتى الآن عن فك الحصار عن المدينة.
مطالب بفتح ممرات إنسانية عاجلة
في ظل هذه الكارثة المتفاقمة، تتعالى الأصوات المطالبة بفتح ممرات إنسانية آمنة بشكل عاجل، لتسهيل إجلاء المرضى، وإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية، من أجل تفادي مزيد من الوفيات التي أصبحت شبه يومية في الفاشر.
سكان الفاشر في قبضة الخوف والموت الصامت
الواقع الحالي يرسم صورة قاتمة لحياة السكان في الفاشر، الذين باتوا يواجهون خطر الموت ليس فقط من نيران المعارك والقصف، بل من الأمراض التي تفترس أجسادهم بصمت في ظل غياب الرعاية الصحية، وانعدام الدواء، وانسداد كل سبل الإنقاذ.
nabdsudan.net