خبر ⁄سياسي

محررون أم لصوص.. الجيش السوداني يواجه اتهامات بالنهب الممنهج

محررون أم لصوص.. الجيش السوداني يواجه اتهامات بالنهب الممنهج

أم درمان، 6 يونيو 2025 – بعد وصولها إلى منطقة صالحة جنوب أم درمان، التي اضطرت لمغادرتها بسبب الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الشهر الماضي، صُدمت السيدة (ز) عندما عادت ووجدت منزلها خاويًا على عروشه.

تقول (ز) لـ «سودان تربيون» إنها تركت منزلها كاملاً ولم يتعرض للاقتحام أثناء تواجد عناصر الدعم السريع في المنطقة، وأن شهودًا من الجيران أبلغوها أن جنودًا يتبعون للجيش نقلوا أثاثه ومحتوياته في شاحنتين صغيرتين.

وعند توجهها إلى سوق صابرين لشراء بعض الاحتياجات، حيث تُباع المسروقات، أكدت التعرف على بعض ممتلكاتها، لكنها أضافت: “لمن أشكو من تسبب في ضرري ونهب ممتلكاتي؟ وجدت جنديًا يرتدي الزي العسكري يعرض بعض أشيائي للبيع”.

الحرب تصنع اللصوص

بعد أن أفرغ جنود الدعم السريع معظم منازل الخرطوم خلال سيطرتهم على العاصمة التي استمرت قرابة العامين، ظهرت أعمال نهب متجددة على يد جنود الجيش السوداني وعصابات أخرى.

وبدأ الجيش قيادة عمليات عسكرية نهاية العام الماضي ومطلع العام الحالي، لاستعادة العاصمة الخرطوم، مع انسحابات واضحة لقوات الدعم السريع.

وشوهد أفراد من الدعم السريع وهم ينسحبون ويغادرون الخرطوم، وينقلون أطنانًا من الأملاك المنهوبة من المنازل، فيما جرى تدمير ممنهج للممتلكات العامة والخاصة في العديد من أحياء الخرطوم.

ومع بداية مارس الماضي، بدأ الجيش يعلن رويدًا رويدًا سيطرته على العاصمة، فيما قابلت تلك السيطرة عمليات نهب يقودها بعض عناصره.

ويرفض قادة الجيش أو المتحدث باسمه التعليق على تلك الظاهرة التي وثقها سكان وناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي، في وقت بات فيه الحديث عنها جريمة عند السلطات، كما يرى الناشط في المجال الإنساني وليد الباقر.

وقال الباقر لـ «سودان تربيون» إنه رغم حالة الاطمئنان التي بدت وسط السكان النازحين من العاصمة بعد سيطرة القوات المسلحة عليها، إلا أن الحال تبدل إلى سخط وغضب بسبب تلك الممارسات.

ويؤكد أن مجموعات من جنود الجيش تُسمى “النمل الأسود” تولت سرقة المنازل وما تبقى في المحال التجارية والعامة.
وجمعت «سودان تربيون» إفادات مختلفة من سكان في مدن الخرطوم الثلاث وموظفين وتجار، أكدوا قيام تلك المجموعات بالسرقة ونقل المسروقات إلى سوق صابرين، حيث تُباع هناك دون تدخل قيادة الجيش.

بالإضافة إلى هذه السرقات، تعرضت المنازل أيضًا لعمليات تخريب واسعة النطاق، والتي يعتبرها بعض السكان المتضررين في إفاداتهم حملة ممنهجة من الجنود، ويزعمون أن المنازل الخالية تُطلق عليها النار أحيانًا دون سبب.

استنكار وإدانة

واستنكرت لجان مقاومة صالحة المركزية في بيان الأسبوع الفائت، استمرار عمليات سرقة منازل المواطنين على يد أفراد في الجيش يُطلق عليهم “النمل الأسود”، حيث يقومون بنهب ممتلكات السكان في كل منطقة يسيطر عليها الجيش.
وأكدت اللجان أن هذه الأفعال غير مقبولة وتتنافى مع القيم والأخلاق الإنسانية، وطالبت الجهات المعنية باتخاذ إجراءات فورية لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها دون تأخير.

وفي مارس من العام الماضي، قالت لجان مقاومة ود نوباوي بأم درمان إن «مسلحين يرتدون أزياء الجيش السوداني نهبوا 70% من منازل الحي»، وذلك بعد أيام قلائل من استعادة الجيش سيطرته على المنطقة التي عانت من عمليات نهب وسلب واسعة إبان سيطرة «قوات الدعم السريع» عليها.

ونقل بيان صادر عن اللجان أن (حي أبوروف)، وهو أحد أحياء أم درمان القديمة العريقة، شهد عددًا من عمليات السرقة والنهب لما تبقى من أثاث ومقتنيات المواطنين، بواسطة أفراد من القوات المسلحة والشرطة أمام أنظار الضباط والمسؤولين، ما يجعلهم شركاء في الجريمة بالصمت والتغاضي.

ولا تبدو الصورة أفضل حالًا في مدينتي الخرطوم وبحري، حيث أكد سكان قيام بعض العناصر بنفس الممارسات التي جرت في أم درمان.

ومع انقطاع التيار الكهربائي في مدينة بحري القديمة، يؤكد الناشط في العمل المدني هشام نصر الدين لـ«سودان تربيون» أن الأوضاع تشابه تلك التي تحدث في أماكن أخرى من سرقات ونهب.

وأشار إلى سرقة الكثير من المنازل بواسطة نظاميين يرتدون أزياء رسمية.

وأكد أحد سكان منطقة كافوري في بحري لـ«سودان تربيون» سرقة جميع أجهزة التكييف في منزله بواسطة عناصر يتبعون للجيش.

وأردف: “عندما ذهبت إلى نقطة الارتكاز وأبلغت الضابط المسؤول، أجابني: ماذا أفعل لهم؟”.

وشكا سكان من مدينة ودمدني وسط السودان من سرقات ممنهجة يقوم بها بعض جنود الجيش السوداني ومجموعات متحالفة معه، بصورة مستمرة منذ دخولهم إلى المدينة.

وطالت عمليات السرقة منازل المواطنين والمتاجر بالأسواق، التي نُقلت للبيع في مناطق أخرى يسيطر عليها الجيش السوداني، وفقًا لناشطين من ولاية الجزيرة.

وقال مرصد أم القرى إن “السرقات طالت مناطق أخرى، لكنها تضاعفت في مدينة ودمدني، بما يفوق عمليات النهب التي حدثت في أي منطقة أخرى بولاية الجزيرة”، مبينًا أن “عمليات السرقة داخل ودمدني وصلت إلى مرحلة إفراغ المدينة من كل شيء”.

ظاهرة وتهديد
ويصف جندي في الجيش، في حديث مع «سودان تربيون»، ظاهرة سرقات الجنود بالمزعجة، مؤكدًا أن الضباط لا يبالون في بعض الأحيان، ويخافون من ردة فعل بعض الجنود حال منعهم من السرقة.

كما يشير إلى أحداث كثيرة وقعت بين الضباط والجنود السارقين، إذ وصلت إلى حد التهديد والدفاع عن تلك الممارسة باعتبارها غنائم حرب – وفق قوله.

ولم تقم قيادة الجيش السوداني بأي ردة فعل تجاه الشكاوى والنداءات المستمرة لوضع حد لتلك الممارسات.

وأفاد ضابط سابق في الجيش، طلب عدم ذكر اسمه، لـ «سودان تربيون»، بأن مسؤولية هذه الممارسات تقع على عاتق القيادة والضباط المشرفين على هؤلاء الجنود.

وأوضح أن الحروب دائمًا ما تُخلّف ممارسات سلبية، لكن القيادة الحاسمة قادرة على الحد منها.

 

sudantribune.net