خبر ⁄سياسي

رؤية تحالف صمود.. فترتان انتقاليتان من عشرة أعوام وخطة لوقف الحرب

رؤية تحالف صمود.. فترتان انتقاليتان من عشرة أعوام وخطة لوقف الحرب

أمستردام – 17 يونيو 2025م | راديو دبنقا

في ظل الأزمة السياسية والعسكرية المتفاقمة في السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، طرح تحالف “صمود” المدني الديمقراطي رؤيته السياسية كوثيقة انتقالية تستهدف إنهاء الحرب الشاملة، وإعادة بناء الدولة على أسس مدنية وديمقراطية، خلال فترة انتقالية تأسيسية تتكون من مرحلتين وتمتد لعشر سنوات.

يقول بكري الجاك، القيادي في تحالف صمود، لراديو دبنقا، إن المرحلة الانتقالية الأولى ستُشكَّل بالتوافق عبر مؤتمر الحوار السوداني – السوداني أو المائدة المستديرة، على أن تُجرى انتخابات لإدارة المرحلة الانتقالية الثانية، التي تمتد خمسة أعوام أخرى. وقلل من أهمية المخاوف بشأن الآثار السالبة لطول الفترة الانتقالية، مبينًا أن الحديث عن مرحلة انتقالية قصيرة هو تبسيط لمستوى التعقيد الذي تشهده البلاد، واعتبر الفترة الزمنية مناسبة لحجم المهام الموكلة للفترة الانتقالية.

لا حل عسكري

وحول القضايا الجديدة التي تضمنتها الوثيقة، يقول بكري الجاك إن الرؤى السابقة لم تُفصّل تصور المرحلة الانتقالية وتركت الأمر للحوار بين الأطراف، بينما رأى تحالف صمود في رؤيته الحالية تقديم تصورات واضحة للحوار مع الأطر المختلفة.

وتؤكد الرؤية على الحل السياسي الشامل، وترفض أي حل عسكري للأزمة الحالية، وقد فصّلت في وسائل إيقاف الحرب عبر حشد الجهد الشعبي والاجتماعي، وتوحيد القوى الديمقراطية المؤمنة بالحكم المدني، والتواصل مع القوى السياسية لإيقاف الحرب.

وأوضح الجاك أن الرؤية تضمنت التواصل مع أطراف الحرب، مؤكدًا أنهم سيتواصلون مع قيادة القوات المسلحة رغم البلاغات المفتوحة ضدهم والاتهامات بالخيانة والعمالة. كما تضمنت الرؤية التواصل مع دول الإقليم والمنظمات الإقليمية بشأن التحولات التي أحدثتها الحرب.

نصوص مفصلة

كما شملت الرؤية نصوصًا مفصلة حول نظام الحكم الانتقالي المكوّن من ثلاثة مستويات: اتحادي وولائي ومحلي، وتتضمن مهام المرحلة الانتقالية: وقف إطلاق النار، والتعافي الاجتماعي، والمصالحة الوطنية، والعدالة الانتقالية، وإعادة تأهيل مؤسسات الدولة.

ويقول التحالف إن الرؤية تأتي استجابة للأوضاع الكارثية التي خلفتها الحرب، من دمار واسع في الخرطوم ودارفور وكردفان، وموجات نزوح كبيرة، وأوضاع إنسانية متدهورة تهدد بتمزيق ما تبقى من النسيج الاجتماعي والمؤسسات الوطنية.

تشير الوثيقة إلى أن جذور الأزمة تعود إلى انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، الذي عمّق الانقسام داخل القوات النظامية ومهّد لاحقًا لانفجار المواجهات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما دفع بالبلاد إلى دوامة حرب مدمرة وانهيار شامل لمقومات الدولة.

يعرف تحالف صمود نفسه كتحالف مدني ديمقراطي مستقل، نشأ استجابةً للمرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد، ويقوم على رؤية تهدف إلى تأسيس دولة مدنية فدرالية تحترم التعدد، وتستند إلى مبادئ المواطنة والعدالة وسيادة القانون، وتعمل على تفكيك منظومات الاستبداد لصالح حكم راشد ومؤسسات مستقلة.

ومن أبرز أولوياته، كما توضح الوثيقة، وقف الحرب وتحقيق سلام عادل يعالج جذور النزاع ويعيد الاعتبار للضحايا. كما يسعى التحالف لمعالجة الكارثة الإنسانية، وتعويض المتضررين والنازحين، وإعادة بناء الدولة على أسس الثورة المدنية والديمقراطية، بما يمنع عودة الأنظمة السابقة، ويحد من النشاطات السياسية الإقصائية، ويعزز ثقافة التعايش المشترك.

ويدعو التحالف إلى إصلاح شامل للاقتصاد، ومعالجة مظاهر التهميش البنيوي والفساد، وهيمنة المركز على الأقاليم. ويقترح خارطة طريق انتقالية تمتد لعشر سنوات، تنقسم إلى مرحلتين:

  • الأولى: تركّز على وقف إطلاق النار، وبدء إعادة الإعمار، وبناء مؤسسات الدولة المدنية، وتحقيق العدالة الانتقالية.
  • الثانية: تهدف إلى ترسيخ الديمقراطية، وإجراء الانتخابات، وتأسيس مؤسسات منتخبة تعكس الإرادة الشعبية، وتدير حوارًا وطنيًا واسعًا يفضي إلى دستور دائم.

هياكل السلطة

كما تقترح الوثيقة تشكيل مجلس سيادة مدني، ومجلس نواب يمثل الأقاليم، إلى جانب حكومة تنفيذية تعتمد على الكفاءة بعيدًا عن المحاصصة الحزبية، وتعمل على إدارة المرحلة الانتقالية وفق جدول زمني واضح.

وفي الجانب الدستوري، ترتكز الرؤية على سيادة الشعب، واحترام التنوع الثقافي والعرقي، وفصل الدين عن الدولة، مع ضمان حرية المعتقد. وتدعو إلى بناء جيش وأجهزة أمن مهنية غير مسيّسة، وتحقيق العدالة الانتقالية من خلال آليات وطنية ودولية، واسترداد الأموال العامة المنهوبة، وتوزيع الثروة بشكل عادل يحقق التنمية المستدامة.

ويشدد التحالف على ضرورة حماية المدنيين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وتوسيع دور منظمات المجتمع المدني الوطنية، وتعزيز دور الأمم المتحدة من خلال تعيين منسق إقليمي لمعالجة الوضع الإنساني في السودان.

كما يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتجميع السلاح، وتأسيس جيش وطني موحد يخضع لقيادة مدنية، ويعكس التنوع السوداني، إلى جانب إطلاق حوار سياسي شامل لا يستثني أحدًا من القوى المدنية والشعبية، بما يؤدي إلى بناء دستور ديمقراطي وهيكلة شاملة للسلطة الانتقالية.

آليات التنفيذ

وفيما يتعلق بآليات التنفيذ، يقترح التحالف تأسيس جبهة مدنية واسعة، تعمل عبر شبكات تنسيق مرنة داخل وخارج السودان، والتفاوض مع أطراف النزاع لفتح ممرات إنسانية، وتمهيد الطريق نحو تسوية سياسية شاملة، ويؤكد على أهمية الدعم الإقليمي والدولي في حماية المدنيين، وضمان تمويل مشاريع إعادة الإعمار والتحول الديمقراطي.

يقدم تحالف صمود بهذه الوثيقة رؤية شاملة تنطلق من واقع الأزمة، لكنها تتطلع إلى مستقبل مختلف يتجاوز الانقسامات والصراعات، ويعيد للسودانيين حقهم في وطن آمن ودولة عادلة. ويعتبر أن التحول لا يزال ممكنًا إذا توفرت الإرادة الوطنية، وتوحدت الجهود في الداخل والخارج.

dabangasudan.org