مقال ⁄اجتماعي

مع شاعر الحداثة في الشعر العامي المبدع تاج الدين مسمار

مع شاعر الحداثة في الشعر العامي  المبدع تاج الدين مسمار

الاستاذ الدكتور عبد العظيم أكول

نواصل ايها الاحباب من كل فج عميق سلسلة مقالاتنا عن الشاعر المتفرد ..شاعر الحداثة في الشعر العامي والغنائي في بلادنا مرهف الاحساس والذي تنبض حروفه الشعرية بالالق والتميز وعطر البيئة الجميلة التي نشأ وترعرع فيها شاعرنا الفذ تاج الدين محمد احمد مسمار والذي اجمع النقاد حول تفرده وسلوكه لمسلك جديد وغير مسبوق في مجال الشعر العامي السوداني..ولم لا فشاعرنا معلم مجيد..من الجيل الذهبي للاساتذة الذين نهلوا العلم في معاهد التربية التي اعدتهم اعدادا باهرا لنشر العلم وغرس القيم التربوية في وجدان الطلاب والتلاميذ علي مر الحقب والازمان..فضلا عن تفرده بالولوج الي عوالم جديدة واستثارة مفردات جديدة من عمق جذور البيئة والمجتمع السوداني بثقافاته المتعددة تنوعه السكاني الذي يشكل لوحة اقواس قزج بهية تخلب الالباب وتذهب بمجامع القلوب..وقد استعرضنا في المقالات الماضية بعضا من قصائده المتجددة واوردنا كذلك نظرة كبار الشعراء والنقاد حول هذه التجربة الشعرية الغير مسبوقة والمشبعة بلواعج الاشحان وسحر الطبيعة ومداراة نبض قلبه الشفيف الذي ارهقه الوجدان والذي جعله يجوس خلال الديار حتي وهو في غربته البعيدة لسنوات خلت في المملكة العربية السعودية..فهو وان هاجر الي هناك الا انه حمل معه شعلة مضيئة من ينابيع المودة وريحة الطين والجروف المخضرة واصوات السواقي وطنابرة المحبين الذين استبد بهم الوجد..وصاروا كالصوفي المعذب والهائم في دنياوات الحنين والوجد والصبابة..

اذن نتوقف لبرهة وقليلة..لنتأمل بعض ملامح القصيد عند شاعرنا الفذ والمطبوع تاج الدين محمد أحمد مسمار والذي يقول في قصيدته بعنوان..

رحاب الغيب

حلمت علي البحر رحال

         وخط الرحلة تاه في وحال

طيف المرسي لسه رهاب

      وتوب الرهبة كاسي الحال

مسار الرؤية مطلع غيب

     كتب شارة المسافة محال

وهي بلا شك صورة بلاغية وجودية تحمل دلالة رمزية غاية في الغموض الذي لايسبر اغراه الا اصحاب الحس المرهف..

نكتفي في ثنايا هذا المقال بمطلع كل قصيدة نوردها كمثال لنبوغ وتفرد شاعرنا الوجودي مسمار

وفي قصيدة اخري لشاعرنا تاج الدين مسمار بعنوان

وادي الغيوب

..انظر لعنوان القصيدة فهو عنوان غير مألوف في مجال الشعر العامي ببلادنا..اذ جاء في مطلع القصيدة..

اتفرقت قبلك ضهاب

       مالت رموش شمسك غروب

اتسربل السما بالسحاب

     واتجرتق الليل بالهبوب

رسمك صدي صوتك شبح

     هوة متاهة علي الدروب

حضنت نواحيك السراب

     استقبلك واديك غيوب

هذه صورة بلاغية اية في البيان والسحر و التناول السحري والعبقري الرهيب

والقصيدة فيها استنارة بلاغية واضحة وكأن شاعرنا في مهب الريح والمياه المتلاطمة الامواج وفي متاهة شاردة لايعلم مداها الا المولي عز وجل وهي حالة وجدانية فريدة للشاعر الذي يبدو ان له مدارك كبيرة في علم النفس ودراسة السلوك البشري فيما بتعلق بالمشاعر والاحاسيس سيما وان معاهد التربية التي تلقي فيها شاعرنا العلم درجت علي منح الطلاب جرعات كبيرة من علم النفس التربوي وعلم النفس الارشادي ويبدو ذلك الامر جليا وواضحا في ايراده للمتاهة وهي مصطلح في علم النفس يتعلق بدراسة سلوك بعض الفئران فيما يعرف بنظريات التعلم في علم النفس..

اخيرا نتناول قصيدته التي جاءت بعنوان. 

شبح السراديب

ويلاحظ ايضا ان للعنوان صلة ببعض الروايات الغامضة التي ربما تأثر بها شاعرنا الكبير تاج الدين مسمار وكنتاج ومؤشر لثقافته الواسعة كاديب تشبع بثقافة عالية جدا ومتجددة..

اذ يقول في مطلع القصيدة..

ضجت قوافيك من جواك

دلقت من الماليك حمم

اتراطنت داخلك حروف

اتمطقت دمعاتا دم

زادت لظي الانات عويل

جرت علي ماضيك نم

عزفت تراتيلك اساك

وجع القديم الانكتم

وهي بلا شك عزيزي القاريء صورة شعرية متناغمة وغاية في الانسجام والتفرد وهو يعزف علي وتر اصداء حالة حزن داخلي اثقل قلبه الرهيف ولكنه ظل متكتما علي جراحه برغم النزيف وويلات الوجد والغرام