أسود الرافدين يثير الغضب... والإعلام في قلب المعمعة

تعرض الشارع الرياضي في العراق لخيبة أمل كبرى عقب خسارة منتخب «أسود الرافدين» أمام كوريا الجنوبية 2 - 0، وضياع فرصة التأهل المباشر إلى كأس العالم 2026، ما فتح أبواب الجدل والانتقاد على مصراعيها، خاصة بعد أن رافقت الهزيمة أحداث ساخنة تسببت في أزمة بين رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال وعدد من الصحافيين، وسط موجة غضب شعبي متصاعدة.
المنتخب العراقي، الذي دخل التصفيات وسط دعم حكومي وإعلامي غير مسبوق، كان يأمل حسم بطاقة التأهل المباشر، لكن الهزيمة الأخيرة أمام كوريا الجنوبية قضت على هذا الحلم، مؤجلة آمال الصعود إلى الملحق الآسيوي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. هذه النتيجة أعادت فتح النقاش حول مستقبل الاتحاد وكفاءة إدارته، وخصوصاً وعد رئيسه عدنان درجال في وقتٍ سابق بتقديم استقالته في حال عدم تحقق التأهل.
وبعد ساعات على الخسارة، نشر درجال بياناً رسمياً أعرب فيه عن «الأسف الشديد» لعدم تحقيق بطاقة التأهل المباشر، مؤكداً أن الاتحاد سيواصل العمل بجهد لحجز إحدى بطاقتي التأهل في الملحق.
وقال درجال، في بيانه: «مشروعنا هو التأهل لكأس العالم، ونعدكم بتحقيق هذا الحلم في شهر أكتوبر المقبل. ما جرى سيكون مصدر قوة وإصرار لتحقيق الانتصارات المقبلة».
أما في المدرجات، فقد عبّرت الجماهير العراقية عن غضبها بصورة صاخبة، حيث هتفت وهي تطالب برحيل عدنان درجال عن رئاسة الاتحاد، وسط دعوات لـ«تغيير شامل في النهج الإداري الذي فشل في إدارة الملف الفني والنفسي للمنتخب الوطني»، واتهمته بتضييع فرحة 45 مليون عراقي.
لكن الشرارة الحقيقية التي فجّرت الوضع جاءت عقب المباراة، حيث وقع اعتداء لفظي وجسدي على أحد الصحافيين من قبل عدنان درجال، بحسب ما نقلته إحدى القنوات التلفزيونية.
الفيديو، الذي وثّق الحادثة وانتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهر لحظات التوتر بين درجال وعدد من الصحافيين، وسط محاولاته منع التصوير، ودعوا إلى فتح تحقيق رسمي حول الحادثة.
الصحافة العراقية لم تلتزم الصمت، بل شنّت حملة انتقادات واسعة ضد سلوك درجال، وخرجت عن المألوف باستخدام عبارات لاذعة في توصيف الموقف.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُتهم فيها درجال بتجاهل الإعلام، لكن الحادثة الأخيرة بدت وكأنها كسرت حاجز الصبر بين الصحافة والاتحاد، ما دفع عدداً من المؤسسات الإعلامية لطلب مقاطعة تغطية أنشطة الاتحاد، على الأقل مؤقتاً، «حتى الاعتذار العلني أو المساءلة القانونية»، وفق ما ورد في بيان رابطة الصحافيين الرياضيين العراقيين.
ووسط هذا التوتر، تسود أجواء من الغموض حول المرحلة المقبلة. فالمهمة المقبلة للمنتخب العراقي ستكون في أكتوبر، عندما يخوض مباريات الملحق الآسيوي بحثاً عن بطاقة تأهل قد تُنسي الجماهير ما حصل، لكنها لن تمحو من ذاكرتهم طريقة المعاملة التي تعرّض لها الصحافيون، بحسب ما يؤكد مراقبون يرون أن «الرياضة العراقية بحاجة إلى بناء علاقة شراكة حقيقية مع الإعلام، لا قمعه».
حتى هذه اللحظة، لم يصدر عن درجال أي توضيح علني بشأن الحادثة، في حين التزم اتحاد الكرة الصمت، مكتفياً بالبيان الفني حول الاستعداد للملحق، متجاهلاً عمق الأزمة المتفجرة في الإعلام والجماهير.
وتتجه الأنظار إلى قرار قد يكون مفصلياً في الأيام المقبلة؛ هل يلتزم درجال بوعده السابق ويقدم استقالته، أم أن الفوز في الملحق إذا تحقق سيكون كافياً لإخماد هذه العاصفة مؤقتاً؟ الواقع يشير إلى أن خسارة كوريا ربما لم تكن نهاية حلم المونديال، لكنها بلا شك دشّنت بداية أزمة ثقة، لن تُحل بكرة القدم وحدها.
aawsat.com